پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرسُ الثالث عشر أهداف الأنبياء

 الدرسُ الثالث عشر
أهداف الأنبیاء

کان الأنبیاء یهدفون فی مهامّهم الآلهیّة إلی اُمور عدیدة خاصّة جاءت الإِشارة الیها فی الآیات القرآنیة، و الاحادیث الشریفة، بَیْدَ أنّه یمکن تلخیص جمیع تلک الأهداف و جمعها فی هدفین کُلّیَّین أساسِیّین هما:

الهَدف الأول: لَفْتُ نَظَر البشریة إلی قیمة الحیاة الروحیّة و أهمیتها، و هدایتهم و ارشادهم إلی الاُمور التی توجب تکمیل النفس، و التقرّب إلی الله، و ضمان السعادة الاُخرویة، إلی جانب بیان عوامل سقوط النفس و شقائها فی عالم الآخرة، و التحذیر منها.

و فی هذا الصعید و تحقیقاً لهذا الغایة کان الأنبیاء یهتُّمون بعدّة اُمور هامّة هی:

1ـ معرفة الله الخالق، و الإِیمان به، و تَوحیده، و إثبات صفات الکمال لتلک الذات المقدسة، و تنزیهها عن صفات النقص، و العیب.

لقد کانت الدعوةُ إلی معرفة الله و الایمان به وحده هی الأساس فی دعوة الأنبیاء و الرسل جمیعاً، و کان‌ أولَ ما یطرحونه و یقترحونه علی اقوامهم و مجتمعاتهم .. و یختص قسم هائل من آیات القرآن الکریم بهذا الموضوع.

2ـ إلفات النَظَر إلی مسألة المعاد، و حیاة ما بعد الموت، و الإِیمان بها، و بالجنة و نِعَمها، و جهنم و عذابها .. ولقد کان الانبیاء یؤکدون علی اثبات العالم الاُخروی و عقوبات یوم الجزاء تأکیداً بالغاً، وهو أمرٌ یختص به قسطٌ عظیم من آیات القرآن الکریم أیضاً.

3ـ الایمان بالنُبوّة، و بارتباط الأنبیاء و الرسل باللهِ تعالی عبر الوحی، و تصدیق الأنبیاء السابقین من دون تفریق.

لقد کان الأنبیاء یَدَّعون أنّهم علی ارتباط بالله سبحانه، و أنهم مکلّفون من جانبه بتبلیغ رسالاته إلی الناس، و کانوا یطلبون من الناس ان یصدّقوهم، و یقبلوا بنبوَّتهم، و أن یتبعوا أقوالهم وَ أفعالهم حتی یسعدوا و یفوزوا.

إنّ هذه الاُمور الثلاثة کانت تشکّل الأسس فی دعوة الأنبیاء .. و لقد قالَ رسول الإسلام صلّی الله علیه و آله عند دعوته عشیرته و قومه:

ألْحمدُ للهِ، اَحْمدُهُ و أَسْتَعینُهُ وَ اُؤمِنُ بِهِ وَ أَتَو کلُ عَلَیه و أشهَدُ أن لاَ إله إلَّا الله وَحدَه لا شَرِیکَ له (ثم قال:) إنّ الرائِد لا یکذِبُ أَهلَه، وَاللهِ الَّذی لا إلهَ إلّا هُو إِنی رسَولُ اللهِ إلیَکُمْ خَاصّة وَ إلی الناسِ عامّة وَالله لَتموتُن کما تَنامُونَ وَ لَتُبْعَثُنَّ کما تسْتَیْقظِون وَ لتحاسَبُن بما تَعْمَلون، و إنّها الجَنَّة أبَداً وَ النارُ أبداً(1)

4ـ ترغیبُ الناس فی مکارم الأخلاق و فضائلها، و تحذیرهم من ذمائم الأخلاق و رذائلها.

لقد دعی الأنبیاءُ الناسَ من خلال بیان الآثار الدنیویة و الأخرویة الطیّبة لمکارم الأخلاق إلی التحلّی بالأخلاق الکریمة و الخصال الحمیدة، و مِن خلال بیان التبعات السیئة للأخلاق الذمیمة إلی تجنبها و حذّروهم من الإِتصاف بشیءٍ منها.
 

إنَّ تزکیةَ النفوس و تهذیبها یمکن إعتبارها أحدَ الأَهْداف الکبری للانبیاء.

(لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤْمِنینَ إِذْ بَعَثَ فِیهِِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ یَتْلُوا عَلَیْهِمْ ءایتهِ وَ یُزَکِّیهِِمْ وَ یُعَلِّمُهُمُ الْکِتبَ وَ الْحِکْمَةَ وَ إِنْ کانُواْ مِن قَبْلُ لَفِی ضَلالٍ مُبِین ٍ)(2)

قال رَسولُ الله صلّی اللهُ علیه و آله: عَلَیْکُمْ بِمَکارمِ الأَخْلاقِ فَإنَّ الله عَزَّوَجَلَّ بَعَثَنیِ بِها(3)

عَنِ النَبیّ صَلّی الله عَلیه و آله أنه قال: إِنّما بُعِثْتُ لِاُتّممِ مکارمَ الأخْلاق(4)

5ـ ترغیبُ الناس فی عبادة اللهِ الواحد و التسلیم لاوامره سبحانه .. ولقد وصف الأنبیاء أعمالاً و مراسم خاصة بأنّها عبادة، و بأنها من عوامل التکامل المعنوی، و التقرّب إلی الله، و بانّ للقیام بها أثراً قویّاً فی إسعاد الإِنسان فی الحیاة الاخری، إلی درجة أنهم وصفوا العبادة بأنّها هدفُ الخلق، قال تعالی فی القرآن الکریم:

(وَ لَقَدْ بَعَثْنَا فِی کُلّ‏ِِ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ)(5)

(وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ اْلإِنْسَ إِلاّ لِیَعْبُدُونِ)(6)

لقد دعی الأنبیاء بارشاد الناس فی جمیع الأدوار و العصور إلی هذه البرامج، إلی ما یضمن سعادتهم الاُخرویة.

الهدف الثانی: هو إصلاح الوضع الإِجتماعیّ و الحیاة الدنیویة للبشر.

لقد اعتنی الأنبیاء باصلاح اُمور الناس الإِجتماعیة و الاقتصادیة کذلک عنایةً کاملةً، فدعوا الناس إلی اکتساب العلم و المعرفة، و الإِستفادة من المصادر الطبیعیّة، و العمل و السعی، و کانوا یَرغَّبون فی رِعایة العَدل، و الحقّ، و یُحذِرّون من الظُلم و العدوان حفاظاً علی سلامة المجتمعِ و أمنِه.

و لأجل الحَیلولة دونَ وقوع الظُلم و العُدوان و لتطبیق العدالة الإِجتماعیة عرضوا علی الناس الأحکامَ و القوانین الحقوقیة و الجزائیة و القضائیة و الاقتصادیة من جانب الله تعالی، و قاموا بجهود کبری لتنفیذها و تطبیقها فی حیاة الناس و المجتمع.

لقد حاربُوا الظلم و الحیفَ، وَ دافعوا عن المحرومین و المستضعَفین، و بمطالعة أحکام الإِسلام و قوانینه یتضح ـ بجلاء ـ أنّ الأنبیاء کانوا یهتّمون بإصلاح اُمور الناس الدنیویة وأوضاعهم الإِجتماعیة، إهتماماً کاملاً.

فمن بَعض الآیات یُستفاد أنَّ هذا الموضوع کانَ أحَدَ أهداف الأنبیاء و الرسل.

(وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِیدَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ وَ مَنفِعُ لِلنّاسِ وَ لِیَعْلَمَ اللّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِِالْغَیْبِ إِنَّ اللّهَ قَوِیٌّ عَزِیزٌ)(7)

(کَانَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النّبِیِّیِنَ مُبَشِّرینَ وَ مُنْذِرینَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ الْکِتَبَ بِالْحَقّ‏ِ لِیَحْکُمَ بَیْنَ النّاسِ فیمَا اخْتَلَفُواْ فیهِ وَ مَا اخْتَلَفَ فِیهِ إِلاّ الّذِینَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَیِّنتُ بَغْیًا بَیْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الّذَینَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِیهِ مِنَ الْحَقّ‏ِِ بِإِذْنِهِ وَ اللّهُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقیمٍ)(8)


فکروا و أجیبوا

1ـ بماذا کان یعتنی الأنبیاء فی هَدَفهم الأوّل؟

2ـ ماذا کان الهدف الثانی للأنبیاء؟

3ـ ما هو الدلیل علی أنّ الأنبیاء کانوا یهتّمون بإصلاح اُمور الناس الاجتماعیة؟

4ـ إحفظوا الآیات بدقة، و تعلّموا تفسیرها جیداً.

 

1 ـ الکامل فی التاریخ ج 2 ص 61.
2 ـ آل عمران ـ 164.
3 ـ بحار الانوار ج 69 ص 375.
4 ـ مستدرک الوسائل ج 2 ص 282.
5 ـ النحل ـ 36.
6 ـ الذاریات ـ 56.
7 ـ الحدید ـ 25.
8 ـ البقرة ـ 213.