پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرسُ السادس الأنبياء و العلمُ بالغَيب الغيبُ و الشهادة

 الدرسُ السادس
الأنبیاء و العلمُ بالغَیب
الغیبُ و الشهادة

الموجوداتُ بصورة عامة یمکن تصنیفهُا إلی صنفین: الموجودات الغیبیّة التی تُسَمّی عالم الغیب، و الموجودات الظاهرة التی تسمّی عالم الشهادة.

إن جمیع الموجودات القابلة للادراک و الملاحظة بواسطة الحواسّ تعدُّ من عالم الشهادة مثل المادة و الجسم و جمیع آثارها و خواصها من قبیل الألوان، و المقادیر، و الأشکال، و الطعوم، و الروائح و الأصوات، و الخشونة و اللطافة، و الحرارة و البرودة، و بصورةٍ عامةٍ انّ کلّ ما هو من جنس المادة و المادیات یُعدُّ من عالم الشهادة.

إنّ الانسان یستطیع أن یدرک بحواسّه هذه الأشیاء، و العلوم البشریة العادیة تحصل من هذا الطریق.

ولکنَّ عالَم الغیب یقابل عالَمَ الشهادة، فانّ جمیع الموجودات التی تکون أسمی و أعلی من المادّة و المادیّات تعدُّ من عالمِ الغیب، مثل «الله» سبحانه و تعالی و أسمائه، و صفاته، و الملائکة، و عالَمِ البرزخ و الموجودات البرزَخیّة، و القیامة و أحوالها و أوضاعها، و الجنّة و النار، و نعم الجنة، العذاب الاُخروی.

إنّ هذا الصنف من الموجودات حیث أنه لیس مادیّاً بل هو فوق المادة لهذا یُعدُّ من عالم الغیب، فنحن لا نستطیع أن ندرکَ هذه الاُمور بحواسّنا.. إنّها غائبة عن الحواس، و لهذا فإن إطّلاعنا علی عالم الغیب یجب أن یکون عن طریق آخر غیر طریق الحواس، وهو ما یُطلَق علیه اصطلاحا اسم عالم الغیب.

نحن نستطیع بحواسّنا أن نتّصل بموجودات العالم المادّی، و نکتسب العلم بها بصورةٍ مباشرة أو غیر مباشرة، ولکنّ علومَنا فی نفس هذا المورد أیضاً محدودة، و مقیّدة ..

إنّ عیوننا تری و تبصر ولکن الأشیاء التی تکون فی حجم خاصّ وعلی بُعدِ مسافة معیّنة و فی ظروف زمانیّة أو مکانیة خاصة.

فاذا کان شیءٌ مّا دقیقاً صغیر الحجم جدّاً، أو کان علی مسافة زمانیّة أو مکانیّة کبیرة، أو کان فی ظلمة، أو کان بیننا و بینه حائلٌ و ساترٌ، لم تمکننا رؤیَتهُ و مشاهدته.

إن أحداث عصر النبیّ نوح(ع) أو ما بعد ذلک بألف سنة غیر قابلة للرؤیة و المشاهدة بالنسبة إلینا، فنحن لا نستطیع أن نقیم بأجهزتنا العلمیة ـ إرتباطاً بیننا و بین تلک الوقائع .. إنّها غائبة عنا ... ولکنّ جمیع موجودات العالم المادیّ حاضِرة عند الله تعالی، وهو عالمٌ بها، مطّلع علیها، ولا معنی لهذا الزمان أو ذاک بالنسبة إلیه .. إنه محیط بجمیع کائنات العالم المادّی وحوادثه و بعالم الغیب، و أسراره، إحاطةً کاملةً.

(عَالِمُ الْغَیْبِ وَ الشّهادَةِ وَ هُوَ الْحَکیمُ الْخَبیرُ)(1).

(وَ لِلّهِ غَیْبُ السّماواتِ وَ اْلأَرْضِ)(2).

(إِنَّ اللّهَ یَعْلَمُ غَیْبَ السّماواتِ وَ اْلأَرْضِ)(3)

(ذلِکَ مِنْ أَنْبَآءِ الْغَیْبِ نُوحِیهِ إِلَیْکَ)(3)
هل العلم بالغَیب مختصٌّ بالله؟

والآن ینطرح هذا السؤال وهو: هل العِلمُ بالغیب یختص بالله تعالی، أم أنّ فی مقدور البشر أیضاً أن یطّلع علی الغیب؟

لقد ذهب بعض العلماء إلی أنّ العِلمَ بالغیب خاصٌ بالله سبحانه، و استدلّوا لَذلک بآیات من القرآن الکریم مثل قوله تعالی:

(وَ عِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَیْبِ لا یَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ)(4)

(وَ یَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ آیَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنّمَا الْغَیْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنّیِ مَعَکُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرینَ)(5)

(قُلْ لا یَعْلَمُ مَنْ فِی السّمَوتِ وَ اْلأَرْضِ الْغَیْبَ إِلاّ اللّهُ وَ ما یَشْعُرُونَ أَیّانَ یُبْعَثُونَ)(6)

(قُلْ لا أَقُولُ لَکُمْ عِنْدی خَزائِنُ اللّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَیْبَ وَ لا أَقُولُ لَکُمْ إِنّی مَلَکٌ إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ ما یُوحَى‏ إِلَیّ)(7)

(قُلْ لا أَمْلِکُ لِنَفْسی نَفْعاً وَ لاَ ضَرَّا" إِلاَّ ما شَآءَ اللّهُ وَ لَوْ کُنْتُ أَعْلَمُ الْغَیْبَ لاَسْتَکْثَرْتُ مِنَ الْخَیْرِ وَ ما مَسَّنِیَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِیرٌ وَ بَشِیرٌ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ)(8)

لقد استدلّ هؤلاء العلماء بظواهر هذه الآیات و قالوا انّ العلم بالغیب مختصّ بالله، و البشر محرومون منه، ولا یمکنهم العلمُ بالغیب قط.

ولکن یُستفاد من بعض الآیات أنَ بعض الناس یعلمون بالغیب أیضاً، و من هذه الآیات ما یلی:

(عالِمُ الْغَیْبِ فَلا یُظْهِرُ عَلى‏ غَیْبِهِ أَحَداً إِلاّ مَنِ ارْتَضَى‏ مِنْ رَسُولٍ فَإِنّهُ یَسْلُکُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا)(9)

(وَ مَا کَانَ اللّهُ لِیُطْلِعَکُمْ عَلَى الْغَیْبِ وَ لَکِنّ اللّهَ یِجْتَبِی مِنْ رُّسُلِهِ مَنْ یَشَاءُ)(10)

(إِنّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ کَریمٍ ذی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَکینٍ. مُطاعٍ ثَمَّ أَمینٍ. وَ ما صاحِبُکُمْ بِمَجْنُونٍ وَ لَقَدْ رَآهُ بِاْلأُفُقِ الْمُبِینِ وَ مَا هُوَ عَلَى الْغَیْبِ بِضَنِینٍ)(11)

(ذلِکَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَیْبِ نُوحِیهِ إِلَیْکَ)(12)

(تِلکَ مِنْ أَنْباءِ الْغَیْبِ نُوحیها إِلَیْکَ)(13)

یُستفاد من هذه الآیات أنّ العلم بالغیب و إنْ کان أوّلاً و بالذات مختصّاً بالله تعالی، و أنّ باب الإطلاع علی ذلک العالم موصَدُ فی وجه البشر، ولکنّه تعالی یُطلعُ أَنبیاءَه علی عالَمِ الغَیب عن طریق الوحی، و یوقفهم إذا شاء و متی شاء علی الحقائق و الأمور الغیبیة.

مِن مجموع هذه الآیات و نَظائرها یُستفاد أنّ الغیبَ المطلق، و العلمَ به من خصائص الله تعالی، لأنّ وجودَه غیر المحدود محیطٌ بعالَم الغیب و الشهادة، إحاطةً کاملةً. وحتی الأَنبیاء هم أیضاً لا یتمتّعون بمثل هذه الإحاطة العلمیّة، ولکن حیث أنهم یمتلکون المقدرة علی تلقّی الوحی، و الإِرتباط بعالم الغیب، فإنهم بفضل التأییدات الربانیّة و الإفاضات الإِلهیّة یتّصلون بعالم الغیب، و یأخذون من حقائق ذلک العالم غیر المتناهیة ما یقدرون علی اخذه و استیعابه.
فکروا و اجیبوا

1ـ وَضّحوا معنی عالم الغیب.

2ـ وَضّحوا معنی عالم الشهادة.

3ـ ماذا یعنی العِلمُ بالغیب؟

4ـ هل یمکن لغیر الله العلم بالغیب؟

5ـ کیف یجبُ الجمع بین الآیات التی تحصر العلم بالغیب فی الله و الآیات التی تصرّح بمعرفة الأنبیاء بالغیب أیضاً؟

6ـ إحفظوا الآیات فی هذا الدرس و فسّروها جیّداً.

 

1 ـ الانعام ـ 73.
2 ـ هود ـ 123.
3 ـ الحجرات ـ 18.
3 ـ آل عمران ـ 44.
4 ـ الانعام ـ 59.
5 ـ یونس ـ 20.
6 ـ النمل ـ 65.
7 ـ الأنعام ـ 50.
8 ـ الأعراف ـ 188.
9 ـ‌ الجن ـ 26 ـ 27.
10 ـ آل عمران ـ 179.
11 ـ التکویر ـ 19 ـ 24.
12 ـ آل عمران ـ 44.
13 ـ هود ـ 49.