پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

بدايَةُ أبْحاثِ النُبُوَّة

بسم الله الرحمن الرحیم


بدایَةُ أبْحاثِ النُبُوَّة

فی القِسم الأوَّل مِن هذا الکتاب قرأتم أنّ هذا الکون لم یُوجَد من لدن نفسِه، ولم یحدث بالصدفة و علی سبیل الإِتفاق، بل إنّ له خالقاً قادِراً، علیماً، حکیماً. هو الذی أوجده و خلقه، وهو الذی یدیرهُ و یدبّرُه، خلق العالم بقدرته و علمه، و أنشأه بارادته، و مشیئته، عن عنایة و حکمة، و أنه لا یصدر منه لغوٌ أو عَبَث قط.

وفی القِسم الثّانی من هذا الکتاب قرأتم أنّ خلق الإِنسان و العالم لیس عَبثاً ولا لغواً و أن الإِنسان لم یأتِ إلی هذه الدنیا لیعیش فترة قصیرة یأکل فیها، و یشرب، و یلهو و یلعب، و یستمتع بالملذّات، ویقضی وقته فی الشهوات، ثم یموت و یفنی، بل إن لله الحکیم هَدَفاً أسمی، و غایة أعلی وراء خَلْق الإنسان.. إنّه خَلَق الإِنسان لیربّی نفسَه ـ فی هذه الدنیا ـ بالإِیمان و العَمَل الصالحِ، و الأخلاق الحَسَنَة، وَ یَعمل علی تکمیلها، و تزکیتها و تهیئتها لحیاة (الآخرة) السعیدة، الجمیلة، الخالدة.

و علی هذا الأَساس فإنَّ الإِنسان لا یفنی بالموت، إنّما ینتقل ـ بعد الموت ـ‌ من هذا العالم إلی عالمِ الآخرة، و هناک یشاهِدُ نتیجةَ أعمالِهِ کاملةًً.

الصالحون المحسنون ینالون ـ یومذاک ـ أجراً حَسَناً و کریماً، و یعیشون فی جَنة عدن، بنَفْس کاملة، نورانیّة، و یستمتعون بشتی ألوان النعَمِ الطیّبة التی یعطیها لهم ربّهم الرحیم.

و الطالحون المسیئون یلقونَ عِقابَ أعمالِهِم السَیِئة، بالکامِل.

إذن فَهذه الدُّنیا مَزرعة الآخرة، وهی المکانُ المناسبُ لبناءِ الذّات، وَ صیاغة النَفْس، و یجب أن تُهَیَّأ نِعَم الآخرة فی هذه الحیاة، و تضمَن السعادة الاُخرویة فی هذا العالم.

و هنا تنطرح الأسئله التالیة:

1ـ هل الإنسانُ بحاجة إلی برنامجٍ کاملٍ و شاملٍ من أجل سُلوک طریق السعادة و الکمال، و ضمان سعادتِه الدنیویةِ و الأخرویةِ، أم لا؟

2ـ هل الإِنسان قادرُ بنفسه علی أنْ یُهیّء و یدوّن مثل هذا البرنامج الکامل الشامل، و ان ینفّذُه فی الحیاة، أم أنه بحاجة إلی هدایةٍ مِن خالقِ هذا الکون، و مُنشیء هذا العالَم، لتهیئة و تدوینِ مثلِ هذا البرنامج؟

إنَّ الإِجابة علی السُؤال الأوّل واضحة، ولا تحتاج إلی توضیح، لأننا جمیعاً نعلم بأن الإِنسان یعیش ضِمنَ المجتمع، ولا یکون أن تکونَ له حیاةُ هنیئةُ و مستقِرَّةُ مِن دون وجودِ قانونٍ کامِلٍ، بل یجبُ أنْ یکون هناکَ قانونُ یکفلُ حقوقَ الأفراد، و یمنع مِنَ التجاوز و العدوان، و یضمن إستقرارَ النظام، و سیادة الأمن.

و هکذا الحیاة المعنویة و الرُوحیة الإِنسانیة هی الاُخری بحاجة إلی برنامج و قانون ... إنّه بحاجة إلی برنامج لتربیة نفسه، و تهذیبها، و لضمان سعادته الاُخرویة.

ولهذا لا مجال للشکّ فی أنَّ الإِنسان یحتاج لضمان سعادته الدنیویة و الاُخرویة إلی برنامجٍ کاملٍ شاملٍ متناسقٍ.

 

ولکنّ الإجابة علی السُؤال الثانی بحاجةٍ إلی توضیحٍ أکثر .. وهنا تنطرُح مسألةُ النُبوَّّة.

وفی موضوع النُبوّة هناک بحثان:

الأول: البحث فی المسائل العامّة التی ترتبط بأصلِ النبوّة، و تسمّی بالنبوّة العامّة.

الثانی: البحث فی المسائل الخاصّة التی ترتبط برسولِ الإسلام(ص) و تسمّی بالنبوّة الخاصة.

وها نحن نبدأ بمسائل النبوّة العامة.