پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس الثامن ماهي المعجزِة و مِن عَمَلِ مَن هيَ؟

 الدرس الثامن
ماهی المعجزِة و مِن عَمَلِ مَن هیَ؟

المعجزة عملٌ خارقٌ للعادة یتمُّ من طُرقٍ غیر طبیعیّة و غیر معروفةٍ.. و نقول فی توضیح هذا المطلب: إنَّ قانون العلیّة هو أحد القوانینِ العقلیّة البدیهیةِ التی اعترف بها القرآن الکریم أیضاً، و أقرها.

و علی هذا الأساس لا تتحقَّق أیّةُ حادثة من دون علّة .. حتی المعجزات لا تقع من غیر علّةٍ و سببٍ، نعم إنّ الظاهرة ـ أیّة‌ ظاهرة ـ یمکن أن تقع و تتحقق من طریقی:

طریق طبیعی عادی، و طریق غیر طبیعی و بواسطة الإِعجاز.

مثلاً إنّ العصا یمکن تبدیلُها إلی ثعبان عن طریقین:

الطریق الأوّل هو طریق العللِ و الأسبابِ الطبیعیّةِ المألوفةِ المعروفةِ مثل أن تتحوَّل مادة العصا بعد مرور الزمن و وقوع سلسلة من التفاعلات الطبیعیّة، إلی حالةٍ تستعدُّ معها العصا لقبول حقیقةِ الثعبان و صورته، و بعد حصول مِثل هذه القابلیة تفاض علیها صورةُ الثُعبان و حقیقته من جانبِ الله تعالی، و فی هذه الحالة یکون الثعبان قد وجِدَ من طریقِ العللِ و الاسبابِ الطبیعیّة، ولم یکن للإِعجاز فی ذلک أیُّ دور.

الطریق الثانی: وهو طریق الاعجاز، ففی هذه الصورة تحصل لمادّة العصا قابلیّة التحوّل إلی ثعبان، ولکن لا بمرور الزمان، ولا من خلال التفاعلات الطبیعیة، بل بتصرّف نفس النبی القویة الزکیة، وارادته القاطعة یحصل مثل هذه القابلیّة فی مادة العصا، و فی هذا الوقت تفاض حقیقة الثعبان و صورته علی العصا من جانب الله تعالی، و تتحول العصا إلی ثعبان حقیقیّ.

وفی مورد الإعجاز لم تتحقّق هذه الحادثة أیضاً من دون علّة، بل لها علّة کذلک، بَید انَّ علتها لیست من قبیل العلة الطبیعیّه المتعارفة و المعروفة، بل علی أثر إرادة الله، و بالعوامل غیر الطبیعیة و بکیفیّة خارِقة للعادة، و لهذا تسمّی (معجزة) و یمکن أن تکون شاهدَ صدق علی صحّة دعوی النبوّة، و بالتالی صِدق النبی.

المعجزة فِعْلُ مَن؟

هل الإِعجاز من فِعل اللهِ مباشرةً و من دون واسطة بحیث لا یتجاوز دوُر النبی دورَطالب المعجزة لا اکثر، أم أنّ المعجزة من فعلِ النبیّ، بمعنی أنها تتحقّق بإرادته نفسِه؟

لقد نُسِبَت المعجزةُ فی بعض الآیات إلی النبیّ و علی سبیل المثال، ینقل القرآنُ الکریم عن النبیّ عیسی علیه السلام قولَه:

(أَنّی قَدْ جِئْتُکُمْ بِآیَةٍ ّمّنْ رَبِّکُمْ أَنّی أَخْلُقُ لَکُمْ مِنَ الطِّینِ کَهَیْئَةَ الطَّیْرِ فَأَنْفُخُ فِیهِ فَیَکُونُ طَیْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَ أُبِْرِىُ اْلأَکْمَهَ وَ اْلأَبْرَصَ وَ أُحْیِ الْمَوتَى‏ بِإِذْنِ اللّهِ وَ أُنَبِّئُکُمْ بِمَا تَأْکُلُونَ وَ مَا تَدَّخِرُونَ فی بُیُوتِکُمْ)(1)

و قال الله سبحانه فی موضع آخر موجّهِاً خطابَه إلی عیسی علیه السلام:

(وَ إِذ تَخلُقُ مِنَ الطِینِ کَهَیئةََ الطَّیرِ بِإِذنِی فَتَنفُخُ‌ فِیَها فَتَکُونُ طَیراً بِإذنیِ وَ تُبْرِىُ اْلأَکْمَهَ وَ اْلأَبْرَصَ بِإِذْنی وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى‏ بِإِذْنیِ)(2)

و قال تعالی حول النبیّ موسی علیه السلام:

(قِالَ إِنْ کُنْتَ جِئْتَ بِآیَةٍ فَأْتِ بِهَاإِنْ کُنْتَ مِنَ الصَّادِقینَ فَأَلْقى‏عَصَاهُ فَإِذَاهِیَ ثُعْبَانٌ مُبینٌ وَ نَزَعَ یَدَهُ فَإِذَا هِیَ بَیْضَآءُ لِلنّاظِرِینَ)(3)

وفی طائفة أخری من الآیات القرآنیة نسب الإتیان بالمعجزة إلی الله سبحانه، و علی سبیل المثال یقول الله تعالی:

(وَ ظَلّلْنَا عَلَیْکُمُ الْغَمَامَ وَ أَنْزَلْنَا عَلَیْکُمُ الْمَنَّ وَ السّلْوَى)(4)

ولکن یستفاد من مجموع الآیات أنَّ الإِتیان بالمعجزة بصورة مباشرة هو فِعلُ النبی، أیْ أنه إثر إرادته و طلبه تقع المعجزة، ولکنَ النبیَّ غیرُ مستقل فی هذا العمل بل تتحقق المعجزة بإذنِ الله و تأییده تعالی.

إنّ إرادة النبیّ تقع ـ فی الحقیقة ـ فی سلسلة العلل، وضمن طریق الأسباب، و تشکّل حلقة فی سلسلة العوامل المنتجةِ للمعجزة، ولکنّ الموجدَ الحقیقی هو الله تعالی.

ولهذا السببُ اُسندِ الإِتیان بالمعجزة فی أکثر الآیات إلی النبی، ولکنّه إشتُرِط وقوعها و تحققها باذن الله و عُلّقَ علی مشیئته سبحانه.

وفی إحدی الآیات القرآنیة اُشیر إلی هذا الموضوع بصراحة أکمل و أکبر فقد قال تعالی فی القرآن الکریم:

(وَ مَا کَانَ لِرَسُولٍ أَنْ یَأْتِیَ بِآیَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ اللّهِ قُضِیَ بِالْحَقِّ‏ِ وَ خَسِرَ هُنَالِک الْمُبْطِلُونَ)(5)


فکّروا و أجیبوا

1ـ عَرّفوا المعجزة.

2ـ هل المعجزة عمل خارجَ قانون العلیة العام؟

3ـ الإِتیان بالمعجزة فِعل مَنْ؟

4ـ هل النبی مستقل فی إتیانه بالمعجزة؟

5ـ إحفظوا الایات، و تعلّموا تفسیرها جیّداً.

 

1 ـ آل عمران ـ 49.
2 ـ المائده ـ 110.
3 ـ الأعراف ـ 106 ـ 108.
4 ـ البقرة ـ 57.
5 ـ غافر ـ 78.