الدرس السابع
المعجزةُ: وَثیقةُ النبوَّة و دلیلُها
یَدّعی الأنبیاء بأنّهم علی إرتباطٍ باللهِ تعالی و بعالمِ الغیب .. و أنّهم قد کُلّفُوا من جانب الله تعالی بأن یتَلقّوا رسَالاتِه، ثم یُبَلّغوها إلی الناس، و أن یجتهدوا فی إرشادهم وهدایتهم.
إنّه إدّعاء کبیرٌ لا یقبله الناس من دون شاهدٍ قوی، و دلیلٍ معتبر .. ولهذا یجب أن یمتلک الأنبیاء دلیلاً و شاهداً لإثبات صحّة دعواهم .. إنّ أکبر دلیل للأنبیاء هو المعجزة .. و المعجزة هی العملُ الخارق للعادة الذی یعجز عن إتیانه الناسُ العادیّون.
أجل یجب أن یأتی الأنبیاء بمعجزة لیثبتوا بها صحّة إدّعائهم غیر العادیّ، حتی یتأکّدَ الناسُ من صحّة ما یدَّعیه الأنبیاء و الرسُل.
إذا لم یکن عند الأنبیاء معجزةٌ فمن أین و کیف یمیّز الناسُ بین الأنبیاء و الرسُل الإِلهین الصادقین، و بین الذین یدّعون النبوة کذِباً و دجلاً؟
إنّ وجودَ المعجزة عند رسُل الله أمر ضروری فی نظر القرآن الکریم، وقد أشیر إلیها بصراحة فی عشرات الآیات مثل: إنقلاب عصا النبی موسی إلی حیّة، و ابتلاع سحر الساحرین، و ضرب الحجر بالعصا و انبثاق عشرة عیناً منه، و ضرب البحر بالعصا، و انشقاق مائه، و ظهور شوارع عدیدة فی عرضه لعبور بنی اسرائیل، و غرق جنود فرعون، و غیر ذلک من المعجزات التی ظهرت علی یدی النبی موسی علیه السلام.
و مثل تکلّم النبیّ عیسی علیه السلام وهو فی المهد، و شفاء الأعمی و الأبرص و الأکمه وعودة الموتی إلی الحیاة بسببه.
و صناعة طیر من الطین و نفخ الحیاة فیه و انقلاب النّار الحارة إلی بردٍ و سلامٍ لإِبراهیم الخلیل علیه السلام.
و نذکر علی سبیل المثال الآیات التالیة:
(قالَ إِنْ کُنْتَ جِئْتَ بِآیَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ کُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ فَأَلْقى عَصَاهُ فَإِذا هِیَ ثُعْبانٌ مُبینٌ وَ نَزَعَ یَدَهُ فَإِذَا هِیَ بَیْضَآءُ لِلنّاظِرینَ)(1)
(وَ أَوْحَیْنآ إِلى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاکَ فَإِذا هِیَ تَلْقَفُ ما یَأْفِکُونَ)(2)
(وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاکَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْنًا قَدْ عَلِمَ کُلّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ کُلُواْ وَ اشْرَبُواْ مِنْ رِزْقِ اللّهِ وَ لا تَعْثَواْ فِی اْلأَرْضِ مُفْسِدینَ)(3)
(فَأَوْحَیْنآ إِلى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاکَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَکَانَ کُلّ فِرْقٍ کَالطّوْدِ الْعَظیمِ وَ أَزْلَفْنا ثَمّ اْلآخَرینَ وَ أَنْجَیْنَا مُوسَى وَ مَنْ مَعَهُ أَجْمَعینَ ثُمّ أَغْرَقْنَا اْلآخَرینَ . إِنّ فی ذلِکَ َلآیَةً وَ ما کَانَ أَکْثَرُهُمْ مُؤْمِنینَ)(4)
(قالُواْ حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ فاعِلِینَ قُلْنا یَنارُ کُونِی بَرْداً وَ سَلًماً عَلى إِبْرَاهِیمَ)(5)
فمن هذه الآیات المذکورَة و نظائرها الکثیرة التی تعدّ بالعشرات نستفید أنّ صدور المعجزة عن الأنبیاء و وُقوعها علی إیدیهم أمرٌ قطعیٌ من وجهة نظر القرآن، و أن الذین یقبلون بالقرآن کتاباً سماویّاً لا یمکنهم إنکار أصل الإِعجاز.
و أساساً یصفُ القرآن الکریم نفسَه بأنّه معجزة من المعاجز إذ یقول الله تعالی:
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ اْلإِنْسُ وَ الْجِنّ عَلَى أََنْ یَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ یَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ کانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظََهِِیرًا)(6)
فکّروا و أجیبوا
1ـ لماذا یجب أن یکونَ الأنبیاء مزوَّدین بالمعجزة؟
2ـ ما هی نظرةُ القرآن حول المعجزة؟
3ـ إحفظوا الآیات بدقة، و تعلّموا تفسیرها جیداً.
1 ـ الأعراف ـ 106 ـ 109.
2 ـ‌البقرة ـ 60.
3 ـ البقرة ـ 60.
4 ـ الشعراء ـ 63 ـ 67.
5 ـ الانبیاء ـ 68 ـ 69.
6 ـ الاسراء ـ 88.