پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

ادارة المنزل.. أمانة وتدبير

ادارة المنزل.. أمانة وتدبیر

 

یتولّى الرجل مسؤولیة تغطیة نفقات الأسرة... إنه یسعى لیل نهار من أجل توفیر دخل مناسب لاسرته.. فالموظف أو العامل وعندما یستلم مرتبه نهایة الشهر یقدمه على طبق الاخلاص لأسرته، انه عرق الجبین، وکدّ الایام وتعب الاعصاب؛ یتحول الى نقود من أجل انفاقها على زوجته وابنائه، وهو لا یفعل ذلک الاّ لأنه یحب اسرته.

ولکن فی مقابل ذلک ینتظر تقدیراً لجهوده وعرفاناً لکفاحه فی میادین الحیاة.

ولذا فانه ما إن یرى زوجته لا تقدر ذلک، وتبعثر ثمار کدّه وتعبه فی ما لا طائل من ورائه، وقد یضطره هذا التبذیر الى الاقتراض فان ثقته فی تدبیر زوجته وسیاستها فی تمشیة شؤون الاسرة سوف تتزعزع.

وعادة ما تترک هذه التصرفات آثاراً سیئة على حماس الرجل فی العمل والسعی وقد تنتابه هواجس من قبیل تفکیره فی نفسه فقط فینفق على نزهاته الخاصّة ما یحصل علیه من مرتّب مهملاً متطلبات اسرته، فیصبح فرداً أنانیاً وربّ اسرة فاشل.

سیدتی!

عندما یثق زوجک بک ویسلّمک ما یحصل علیه من کدّ الیمین وعرق الجبین فلا یعنی هذا انک مطلقة التصرّف تنفقین کیف ما تریدین!


یجب أن یکون هناک تفاهم حول مسألة الانفاق.. أنک لست صاحبة المال انک مجرّد أمینة علیه.. وهذه مسألة أخلاقیة حساسة فأی تصرّف فی الأموال دون رضا الزوج یعدّ خیانة.

یقول رسول الاسلام والانسانیة محمد صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم:

«المرأة راعیة على مالِ زوجها ومسئولة عنه»[232].

عن الامام الصادق علیه‌‏السلام قال: «خیر نسائکم الطیّبة الریح، الطیّبة الطبیخ، التی اذا أنفقت أنفقت بمعروف، وإن أمسکت أمسکت بمعروف، فتلک عامل من عمّال اللّه‏ وعامل اللّه‏ لا یخیب ولا یندم»[233].

وسألت امرأة رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم عن حق الرجل على زوجته فأجاب:

«تطیعه ولا تعصیه ولا تتصدّق من بیته بشیء الا بإذنه»[234].

کما روی عنه صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم قوله:

«أعظم النساء برکة أیسرهنَّ مؤنة»[235].

ان البیت وان کان صغیراً فی ساحته ولکنّه مملکة واسعة الأرجاء ونعمة الهیة کبرى أنعمها اللّه‏ سبحانه على الرجل والمرأة عندما یکون زوجین متحابّین یقف أحدهما الى جانب الآخر، ویأخذ بیده ویمضیان فی الطریق.. طریق الحیاة..

وما بیت الزوجیة الاّ قارب یشق عباب الحیاة.. ربّانه الرجل وتساعده امرأته ویشترکان معاً فی المضی صوب شاطى‏ء السعادة.


البیت واحة وارفه الظلال فی لهیب الحیاة..

أجل.. الکفاح فی میادین العمل سعی وجهاد وجهد جهید، وعندما یعود الرجل الى البیت یحلم بتلک اللحظات التی یلتقط فیها أنفاسه ویستریح من عناء العمل.

والبیت أیضاً مدرسة الأبناء... تتبلور فیه شخصیاتهم ویتعلّمون فیه ألف باء الحیاة.. ینتهلون فی ظلاله ثقافتهم فإن کان البیت دافئاً تخرجوا منه دافئین طیبین وإن کان هادئاً ولجوا الحیاة الاجتماعیة فی بحر الحیاة خیّرین ینشدون الخیر والصلاح لمجتمعهم وامتهم.

ولو کان البیت لا سمح اللّه‏ خاویاً على عروشه مقفراً من کل خفقة حب ونسمة حیاة طاهرة.. خرجوا الى المجتمع اناساً یعانون من ضغط العقد النفسیة.

إنّ البیت والأسرة هی المنطلق والقاعدة التی تحدد نوع الأفراد فی المجتمع الانسانی.

وتتحمّل الأم مسؤولیة کبرى فی تربیة الابناء وما أجمل قول الشاعر:


الأم مدرسة اذا اعددتها

اعددت شعباً طیب الأعراق

 

ان ربة البیت لیست امرأة عاطلة.. انها مدیرة اداریة من الطراز الأول ومدرّسة تعلّم ابناءها ألف باء الحیاة.. ومعلّمة أخلاق ترضع اطفالها لبناً مفمعاً بالحنان والخُلق من أجل هذا قال رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم

«الجنة تحت أقدام الامهات».

ان السیدات المتعلمات یتحملن مسؤولیة اکبر من غیرهن لأن علیهن أن یثبتن للآخرین ان طلب العلم لن یؤثر أبداً على دور المرأة کربّة بیت، بل ان العلم والثقافة سوف یسهم فی صنع مجتمع أفضل من خلال تربیة أبناء صالحین.


وانها لذریعة غیر منطقیة أن تتعلّل المرأة وتتأخر فی أداء الاعمال المنزلیة بحجة أنها متعلّمة..

لأن العلم لیس هدفاً بل هو وسیلة من أجل حیاة أفضل، ولذا فإن المرأة المتعلّمة ینبغی أن تکون ربّة بیت ناجحة تعرف کیف تصون أسرتها زوجاً وابناءً من کل ما یسیء الى العلاقات العائلیة ویعرّض دف‏ء الحیاة الأسریة للخطر.

وهذه حکایة طریفة نسوقها من أروقة المحاکم:

یقول الرجل وهو یدافع عن نفسه:

ـ «زوجتی لا تکاد تفعل شیئاً فی البیت.. لا طبخ ولا غسیل ولا ترتیب لأثاث البیت وحجتها أنها تخرجت من الثانویة وحصلت على شهادة «الدبلوم»[236].

وطالما سمعتها تقول: الغسیل والطبخ لیس من شأن خریجة الثانویة.. طلقنی اذا شئت وتزوج من خادمة!

من أجل هذا دعوت بعض الأقارب الى تناول العشاء وعلى الخوان وضعت شهادة الثانویة التی تعود لزوجتی وقلت للمدعوین:

ـ عفواً ایها الاقرباء.. أرجوکم تناولوا من العشاء الذی تقدمه لی زوجتی کل لیلة»[237].

وفی کل الاحوال ان البیت هو مملکة المرأة وعالمها الجمیل حیث تستحیل المرأة فیه الى فنّانة من خلال ذوقها وصنع دیکور المنزل بطریقة تجعله جنّة للرجل والأبناء.


ولا بأس أن نستمع الى بعض السیدات فی آرائهن فی هذا الموضوع:

تعتقد السیدة م. ألف: إنّ ربة البیت الحقیقیة تلک التی تنسجم مع مستوى الزوج المعاشی وتتحرک وفق سیاسیة لا افراط ولا تفریط.

ربّة البیت الحقیقة تلک المرأة التی تعی ظروف زوجها الاقتصادیة فتدبّر شؤون المنزل وفق ذلک بحیث لا یضطر زوجها الى الاقتراض بل ویمکنها التوفیر أیضاً...

وامرأة بهذه المواصفات هی سیدة بکل معنى الکلمة.

وتقول السیدة فریدة نوروز شمیرانی وهی تحمل شهادة بکالوریوس.. إنّ السیدة الحقیقیة هی المرأة التی لا تکون زوجة مثالیة بل وأمّاً لابنائها وجارةً طیبة لجیرانها، ومضیافة لمن یطرق بابها ویزورها.

وتقول السیدة فصیحی (طبیبة اطفال):

ان السیدة الحقیقة تلک المرأة التی تعمل فی منزلها وتسهر من أجل راحة زوجها وصحة اطفالها.

وتقول صغرى یکتا المشرفة الفنیة فی کلیّة الطب: السیدة الحقیقیة هی المرأة التی تقف الى جانب زوجها دائماً وتتقاسم معه هموم الحیاة، وتفعل المستحیل من اجل صنع بیت دافئ لزوجها.

وتقول السیدة ایران نعیمی: السیدة الحقیقیة هی من تعرض عن کمالیات الحیاة وتهتم بما یحفظ لاسرتها حیاة هانئة[238].

 

[232] مستدرک الوسائل: 2/550.
[233] وسائل الشیعة: 14/15.
[234] البحار: 103/248.
[235] مستدرک الوسائل: 2/532.
[236] تمنح شهادة الدبلوم فی ایران لخریجی المرحلة الثانویة أو الاعدادیة المترجم.
[237] جریدة اطلاعات 3 آذر 1350.
[238] المصدر السابق 28 فروردین 1315.