الاقتصاد العائلی
الانفاق مسؤولیة الرجل هذا حق، ولکن لا یعنی هذا الانفاق بلا حساب ولا کتاب.. لا یعنی أن تقدم المرأة کل یوم قائمة متخمة بالطلبات..
لا یعنی التعامل مع الرجل وکأنه خازن لکنز لا یفنى!
الأسرة تحتاج الى رئیس یدیر میزانیتها ویشخص الحاجة ویشخص طریقة الانفاق وینظم اقتصاد العائلة بشکل یحفظ لها کرامتها وانسانیتها.
هناک حاجات ضروریة، وهناک لوازم کمالیة فلیس من المنطقی أبداً الضغط على الرجل من أجل تلبیة حاجة کمالیة مع علم المرأة أن زوجها قد یضطر للاستدانة من أجل تلبیة طلبها!
الرجل یفکر فی تغطیة النفقات الضروریة: تسدید فواتیر الماء، الکهرباء وتوفیر مبلغ مناسب للحالات الطارئة.. ولذا فان الاقتصاد یعد رکناً هاماً فی تدبیر دخل ومیزانیة الأسرة وصدق الذی قال: ما افتقر من اقتصد.
هناک أولویات فی الإنفاق، وهناک نظام فی تدبیر اقتصاد الأسرة وفی کلِّ الأحوال یعدّ الاسراف، التبذیر والبخل الشدید من الامراض الاخلاقیة التی تترک آثارها السیئة على الحیاة الاقتصادیة والاجتماعیة.
قال اللّه عزوجل: « والذین إذا أنفقوا لم یسرفوا ولم یقتروا وکان بین ذلک قواماً »[225].
ویقول الامام الصادق علیهالسلام: «ضمنت لمن اقتصد أن لا یفتقر»[226].
ویقول فی مناسبة أخرى:
«أربعة لا یستجاب لهم أحدهم کان له مال فأفسده یقول: یا ربّ ارزقنی فیقول: ألم آمرک بالاقتصاد»[227].
وسأل عبداللّه بن أبان الامام موسى بن جعفر عن النفقة على العیال فقال: «ما بین المکروهین: الإسراف والاقتار»[228].
والرجل العاقل المدبّر یجتنب ما امکن الاستدانة الاّ فی الحالات الخاصّة ولا یهتمّ کثیراً بالوسائل الکمالیة.
کما ان الاستغراق فی شراء الحاجات غیر الضروریة وان یوفر فی الظاهر رفاهً کاذباً ولکنه یسلب الأسرة حلاوة البساطة فی العیش.
کما انه لیس من الضروری والمنطقی ان یستدین المرء من أجل شراء سیارة أو شحن منزله بالسجاد الثمین!
صحیح انّ کسب المال أمر هام، ولکن الأهم کیفیة انفاقه والافادة منه فی اسعاد الاسرة.
ولیس دخل الأسرة المعیار الوحید للرفاه فی الحیاة.. فکم من الأسر التی تتمتع بدخل ممتاز، ولکن عندما تراقب حیاتها تجدها دائماً فی ضیق.. لماذا؟ لأنه لا یوجد نظام اقتصادی فی حین نجد کثیراً من الأسر تتمتع برفاه مناسب.
لا لشیء الاّ لأن الأسرة تعتمد نظاماً معیشیاً متزاناً.
ولذا فإنّ من مصلحة الأسر أن یتفاهم الرجل والمرأة حول حجم الانفاق وأولویاته.
وهناک نقطة حیاتیة جداً وهی وعی الهدف الأساس من المال والثراء حتى لا ینسى المرء فی غمرة الحیاة الهدف، أو تتحول الوسیلة الى هدف.
المال من أجل الانسان ولیس الانسان من أجل المال.
المال من أجل رفاهیة الأسرة ولیس العکس.
وعلى المرء أن یعی ذلک جیداً، فمسألة تأمین الکساء والغذاء والدواء یلزمها سعی وعمل لتوفیر المال اللازم لتغطیة النفقات اللازمة، وهنا لا ینبغی للمرء أن یستغرق فی اعداد هذه النفقات ثم ینسى الهدف لیتحول المال اللازم الى ثروة مکدّسة.
والرجل یتحمّل مسؤولیة أخلاقیة وسیکون موقفه محرجاً لو عرّض اسرته الى حالة تشبه العوز ولدیه ما یستطیع انفاقه من أجل الترفیه عنها.
یقول سیدنا محمد صلىاللهعلیهوآلهوسلم:
«لیس منّا من وسّع علیه ثم قتّر على عیاله».
ویقول الامام موسى الکاظم علیهالسلام:
«إنَّ عیال الرجل اسراؤه فمن أنعم اللّه علیه نعمة فلیوسّع على أسرائه فان لم یفعل أو شک أن تزول النعمة»[229].
وعن الامام الرضا علیهالسلام قوله:
«ینبغی للرجل أن یوسّع على عیاله لئلاّ یتمنّوا موته»[230].
وروی عن الامام علی علیهالسلام قوله:
«أطرفوا أهالیکم فی کلِّ جمعة بشیء من الفاکهة کی یفرحوا بالجمعة»[231].
[225] الفرقان: الآیة 67.
[226] وسائل الشیعة: 15/258.
[227] و المصدر السابق: 261.
[228] و المصدر السابق: 261.
[229] بحار الانوار: 104/69.
[230] وسائل الشیعة: 15/249.
[231] بحار الانوار: 104/73.