پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

لا ترتبوا أثراً على كل ما تسمعون!

لا ترتبوا أثراً على کل ما تسمعون!

 

لا تقتصر الثرثرة على النساء فقد نجد فی الرجال من یثرثر.. ونجد بینهم نمامین منافقین وخبثاء...

ولکن الخطر الذی یتهدد الحیاة الزوجیة خاصّة فی مراحلها الأولى یکمن مع الأسف فی بیت العریس، عندما تشعر أم العریس أو أخته أن تلک الفتاة الغریبة قد اختطفت والى الأبد ابنهم.

وعادة ما تنتاب أم الزوج مشاعر وهواجس.. فهی التی سهرت اللیالی من أجل ابنها وهی التی غذّته وتعبت من أجله الى أن صار رجلاً... وبعد کل هذه الأعوام تظهر فجأة فتاة غریبة ترید أخذه منها.. أنها تنتظر من ابنها الاّ یحب أحداً حبّه لوالدیه وأن لا یسمع کلام أحد إلاّ کلام أبویه..

وفی الغالب لا تحاول الأم ادراک مسألة الزواج کمرحلة جدیدة فی حیاة ابنها.. وانه الآن قد اصبح رجلاً مسؤولاً عن اسرة جدیدة، وأنه قد آن الأوان لکی یعیش حیاته المستقلة..

ذلک أنها تصرّ على أن یستمر ابنها بنفس الطریقة التی کان علیها قبل الزواج..

ومن هنا فهی لا تتحمل مواقف ابنها الجدیدة وانشداده الى زوجه کشریک فی حیاته؛ وسوف تحمّل کنّتها مسؤولیة ما حصل.. سوف تعمل على التدخل فی حیاته الزوجیة وتحاول تشویه سمعة زوجة ابنها وتحریر ابنها من
(سیطرتها)!

فالأم تتصرف بوحی الاحساس بالخطر!! خطر هذه الفتاة التی تعمل على خطف ابنها! ومن هنا فهی مدانة متهمة على الدوام!!

سوف تتعرض العروس لآلاف الضغوط النفسیة وسوف تحرقها نظرات حماتها أو أخت زوجها.. وسوف یجعلن منها موضوعاً للفحص والبحث عن العیوب من أجل (توعیة) العریس (وفتح عینیه) جیداً.

وعادة ما یتأثر العریس الساذج بهذه الدعایة المخرّبة وتتکون لدیه صورة سلبیة عن زوجته، وهذه أول خطوة فی منزلقات الحیاة الزوجیة التی غالباً ما تؤدی الى نتائج مؤسفة.

ولذا کثیراً ما نشاهد أن المضایقات التی تقوم بها أم الزوج أو أخته تصل حدوداً لا تطاق، تضطر الزوجة المسکینة فی النهایة الى الاقدام على خطوة جنونیة کما هو الحال فی هذا النموذج:

قامت فتاة وفی نهایة الاسبوع الأول من زواجها بابتلاع ابرة خیاطة فی محاولة منها للانتخار وقد اجریت لها عملیة جراحیة وقد تحدثت مع مراسل اطلاعات تقول:

لقد مرّ اسبوع واحد على زواجی من ... 34 سنة.

وعندما ذهبت الى بیت أهله کنت اتصور أنی سأحیا سعیدة کباقی النساء وأنّ الحیاة ستکون لی کالجّنة، ولکن لم تمض سوى أیام حتى کنت أشعر بأنّنی أعیش فی الجحیم حتى سئمت الحیاة... لهذا اقدمت على الانتحار[104].

کما اقدمت فتاة على الانتحار باحراق نفسها ولکنها انقذت فی اللحظات الأخیرة وقالت انها فعلت ذلک بسبب مضایقات شقیق زوجها[105].

وهناک أخبار کثیرة فی هذا المضمار.

ولذا فأن ما تقوم به بعض الحموات عن جهل أو عن قصد یهدّد بشکل خطیر الأسرة فی بدایة تکوّنها..

وهی کظاهرة اجتماعیة یجب الاعتراف بها ووضع حلول مناسبة لها ومن هنا یتحمل الزوج مسؤولیاته فی هکذا ظروف اذ یتوجب علیه ألاّ یعیر اهتمامه لمثل هذه التصرّفات ولا یکترث کثیراً لها.

ومما یثیر الدهشة حقاً إن الأم بشکل غالب هی التی تقوم بنفسها بالبحث عن فتاة مناسبة لابنها وعندما تعثر على ضالتها تصفها لولدها وتمتدح جمالها وأخلاقها وصفاتها.. ثم بعد الزواج تنقلب الأشیاء وتصبح الصفات عیوباً والجمال قبحاً!!

سیدی!

حاول أن تتفهم هذه الظاهرة.. حاول أن تدرک أن هناک الکثیر من البواعث التی تدفع بالام الى التصرّف بهذه الطریقة تجاه زوجتک.. ولذا فلا ترتب أثراً على کل ما یقال لک.

ولو افترضنا إن أختک اکتشفت عیباً ما فی زوجتک فهل هی خالیة من العیوب وهل ترتضی لأختک اذا تزوجت أن تعامل بهذه الطریقة؟!

وهل ترتضی أمک أن تعامل ابنتها هکذا؟

ان مثل هذه التصرّفات لن تجدی شیئاً واذا ما فعلت فعلها فإن النتائج لن تکون سارّة بأی حال من الأحوال.


إن بیت الزوجیة یجب أن یکون دافئاً مفعماً بالمحبة والسلام، لا مکاناً للنزاع والصراع وتبادل الاتهامات.

لنتأمل فی هذا الخبر:

تقدم زوجان الى احدى محاکم «تبریز» للطلاق، وقد اتهم الزوج زوجته بأنه عثر على رسائل غرامیة کانت تزمع ارسالها الى أخیه الذی یقیم فی اصفهان.

وفی اثناء الاستجواب دافعت الزوجة واتهمت حماتها وأخت زوجها بأنها وراء هذه الرسائل وانهما یریدان فقط اقناع زوجها بالطلاق وقد ثبتت هذه التهم ضد الحماة التی اعترفت بذلک[106]..

کما أقدمت سیدة على الانتحار باحراق نفسها وهب الجیران لانقاذها وذکرت لمراسلنا فی مستشفى «سینا» فی طهران: ابتلیت بحماة عصبیة تبحث عن الذرائع باستمرار وتحاول الایقاع بینی وبین زوجی.. بالأمس ذهبت الى شراء بعض الحاجات من السوق ولدى عودتی صادفت صدیقة لی کانت زمیلتی فی أیام الدراسة.. ولذا تأخرت فی عودتی الى المنزل.

واستقبلتنی حماتی بنظرات مشککة وسألتنی عن سرّ تأخری فاخبرتها بلقاء صدیقتی ولکنها هزّ رأسها وقالت: أنت تکذبین سمعت أنک تترددین على اللحّام.. وشعرت بالغضب الشدید فقررت الانتحار والخلاص من هذه الحیاة[107].

ومن هنا ینبغی على الرجل أن یکون حلیماً فی مثل هذه الظروف وأن یفکّر جیداً وأن یتصرّف بطریقة تحفظ توازن الاسرة وأن یبتعد عن الانسیاق وراء کل ما یقال.

صحیح أن الابوین قد عانا ما عانا من أجل ابنهما ولکن علیهما أن یفکّرا أن ابنهما لیس سلعة یحتفظان بها الى الابد.. أن قدره أن یتزوج، وقدره أن یستقل ویؤسس اسرته الجدیدة، ویتحمل مسؤولیاته کرجل.. ولذا یتوجب علیهما تفهم ذلک من أجل سعادة ابنهما.

ونحن لا ندعو الأبناء أن ینسوا الآباء لأن الجنة تحت أقدام الأمهات فاحترام الأبوین واجب حتى النهایة.. ومساعدة الأبوین والاحسان الیهما من الأمور التی یحث علیها الاسلام ویؤکدها دائماً.

کما أن المتوقع والمطلوب من الزوجة أن تحترم وتعامل والدی زوجها بمنتهى الاحترام والمحبة، وأن تنظر الیهما کأبوین لها، وأن تعلّم ابناءها احترام الأجداد وأن توفر لهما جوّاً أسریاً یلیق بهما وینعمان فی ظله بالراحة والدف‏ء خاصّة عندما یزحف علیهما شتاء الشیخوخة.

ان مثل هذه المعاملة سوف تقضی على هواجس الأبوین فی فقدان ابنهما بل انهما سیشعران بان اللّه‏ وهبهما ابنة طیبة ترعاهما..

ان هذه الاخلاق منبثقة من روح الشریعة الاسلامیة التی تحث على تعزیز روح القربى وأواصر الرحم وعلاقات المودّة.


[104] جریدة اطلاعات 25 آبان 1348ه.ش.
[105] المصدر السابق 14 مرداد 1349ه.ش.
[106] جریدة اطلاعات 3 اسفند 1350ه.ش.
[107] جریدة اطلاعات 13 اسفند 1350ه.ش.