پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

وأنت يا سيدي غض الطرف ايضاً؟

وأنت یا سیدی غض الطرف ایضاً؟

 

ینبغی للرجل أن یبذل قصارى جهده فی انتخاب المرأة التی ینشد ینبغی له أن یفکّر جیداً ولا یترک جانباً فی هذه القضیة المصیریة إلاّ وتأمل فیه.

فالزواج بدایة لحیاة مصیریة وقرار الرجل فی انتخاب زوجته وشریکة حیاته سیکون قراراً غایة فی الأهمیة.. انه فی الحقیقة یبدأ فصلاً جدیداً من الحیاة التی تختلف تماماً مع فترة ما قبل الزواج.

ان التقالید الاجتماعیة السائدة فی العالم باستثناء بعض الامم تقضی على الرجل أن یتقدّم لخطبة المرأة؛ وعادة ما یترک للمرأة الحق فی الرضا والقبول وهی فی کل الأحوال تشعر بالافتخار عندما یتقدّم لخطبتها رجل..

وعندما توافق الفتاة وترضى یعنی إنها آمنت بهذا الرجل، وستعیش معه حیاة مشترکة.. انها قد وثقت منه وستعتبره ملاذاً لها فی الحیاة.

سیدی!

إنک بانتخابک فتاة بریئة کانت تعیش فی ظلال أبویها وانتقلت الى بیتک یعنی انها قد قطعت کل علاقاتها مع حیاة ما قبل الزواج.. حتى علاقاتها مع أبویها وأهلها سوف تأخذ شکلاً آخر.

إنّها الآن فی عصمتک وأملها قد اصبح فیک انها لا ترى لها وجوداً الاّ معک والى جانبک..

سوف تخلص لک وتنجب ابناءً هم امتداد لک، وسترعى ابناءک وهذا هو سرّ
السعادة فی حیاتک الزوجیة.

سیدی!

إنک بزواجک یعنی أنک تحملت مسؤولیة هامّة لأنک أصبحت رب اسرة جدیدة فی مجتمعک..

إنک لم تعد حرّاً کما کنت فی الماضی.. لا یحق لک بعد الآن أن تنظر الى امرأة أخرى.. لأنک فی أعماقک ترفض أن تتصرف امرأتک هذا التصرف ازاء رجل ما..

لایحق لک أن تمزح مع امرأة ما، لأنک ترفض أن تفعل أمرأتک ذلک مع رجل أجنبی.

إنک ولاشک تتأثر بشدّة وقد تعتبر هذا التصرف المشین خیانة، ولذا تأکد أن امرأتک سیخامرها ذات الشعور وذات الاحساس فیما لو رأتک تمازح امرأة أخرى غیرها.

عندما ترى امرأة زوجها یمازح هذه وتلک فستتحرّک غیرتها وتنبعث مشاعر انتقامیة فی اعماقها.. حتى حبها لزوجها سوف یتضاءل وقد لا تکترث بعدها لشؤون المنزل، وقد تتصرف تصرّفاً انفعالیاً فتمازح الرجال الأجانب على اساس المقابلة بالمثل.

فتأمل هذا النموذج:

بعد 33 سنة من زواجها تقدمت امرأة من أجل الطلاق، وذکرت فی حیثیات الشکوى: زوجی اعتاد المزاح مع أی أمرأة تصادفه[96].

وقالت امرأة فی محاکمة من هذا القبیل: زوجی یهتم کثیراً بصدیقاتی
ویتصرف بطریقة مریبة أمامهن ولذا عندما ادعوهن الى منزلی یعتذرن بسبب نظراته المخزیة وهذا یجعلنی اطأطى‏ء رأسی أمامهن[97].

من أجل هذا أمر القرآن الکریم الرجال بغض الأبصار عن النساء الاجنبیات لأن النظر الى المرأة الاجنبیة یعد سهماً من سهام الشیطان.

قال تعالى: « وقل للمؤمنین یغضّوا من أبصارهم »[98].

ویقول الامام الصادق علیه‌‏السلام:

«النظرة سهم من سهام إبلیس مسموم، وکم من نظرة أورثت حسرة طویلة»[99].

ویعد علماء النفس هذه النظرات الزائغة حالة مرضیة، ومن المؤکد إن العین التی تعتاد هذه النظرات لا تعرف الشبع والارتواء.. وکم افسدت هذه النظرات شباباً وخرجت بهم عن جادّة الصواب!

إنّ العین اذا نظرت اشتهى الفؤاد.. ربما یستطیع المرء المقاومة مرّة أو مرّتین.. ثلاث مرّات.. ولکن السقوط مؤکد فی النهایة.

یقول الامام الصادق علیه‌‏السلام:

«النظرة بعد النظرة تزرع فی القلب الشهوة وکفى بها لصاحبها فتنة»[100].

ولقد نهى الاسلام عن هذه النظرات لوعیه الکامل بالنتائج التی تسفر عنها وتؤدی الیها.

وبالرغم من أن المحیط الاجتماعی من الانفلات ومع بالغ الأسف وعدم
التزام الفتیات الحجاب المطلوب، بحیث تصبح استقامة الشاب فی هکذا محیط شاقة جداً.. ولکن لا مفر من غض البصر للنجاة من مزالق الانحراف والسقوط.

ان النظرات قد تحقق لذة ولکنها کاذبة عابرة وتورث حسرة وندما وتسلب الانسان نعمة الطمأنینة والسلام.

سیدی!

اذا کنت تنشد السعادة فلا تنظر الى امرأة غیر زوجتک ولا تمتدح أمامها امرأة أبداً لأن ذلک یحرّک غیرتها ویهیج هواجس الانتقام فی ذاتها..

لا تقل: لیتنی تزوجت من فلانة.. أو فلانة أفضل منک.. عشرات النساء کن یتمنین الزواج منی!

ان مثل هذه الکلمات بمثابة سهام مسمومة تطعن الحب الذی یربط بینکما.. فتبرز ظاهرة النزاع وقد یتعمّق هذا النزاع لیسفر عن قطیعة فی الحب فینطفى‏ء لیحلّ مکانه الحقد والضغینة وروح الانتقام..

وانه لمن المؤسف أن یخرب الانسان بیته بیده.. أن یطعن فی الصمیم الدف‏ء العائلی من أجل لا شیء.. سوى سراب یحسبه الظمآن ماء.

 


[96] اطلاعات 26 بهمن 1350.
[97] المصدر السابق 27 بهمن 1348ه.ش.
[98] النور: الآیة 30.
[99] وسائل الشیعة: 14/138.
[100] المصدر السابق: ص139.