پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

القرآن و العصمة

 القرآن و العصمة

«واذا ابتلی ابراهیم ربّّّه بکلمات فأتمّهنّ قال إنی جاعلک للناس إماما قال ومن ذرّیتی قال لاینال عهدی الظالمین»(1).

سبق و أن یحثنا فی هذه الآیة بعض المسائل التی لا داعی لتکرارها هنا ، وفیما یلی نبحث المقطع الذی یتساءل فیه إبراهیم عن نصیب ذریته من الإمامة ، فجاء الجواب الإلهی قائلاً: لا ینال عهدی الظالمین.

وإذا ما أردنا أن نبحث فی مفهوم الظلم و مصادیق الظالم نجد أن هذا الإصطلاح هو نقیض العدل ، و یساوی وضع الشیء فی غیر موضعه ، فما هو معنی العدل تحدیدا ً؟

ان هذا الوجود ینهض علی نظام خاص ، حیث تنعم الأشیاء فیه بقدر محدد من الوجود ، فالقوانین و الشرائع الألهیة إنّما جاءت متناغمة مع الفطرة و ناموس الطبیعة ، فکلّّ من یسیر و فق هذا الناموس کما خلقه الله عزوجل ، و کانت أعماله وفق ذلک ، عُدّ عادلا ً.فإذا انحرف عن مسار الفطرة و ارتکب معصیة ما ، کان ظالما.
 

وفی ضوء الرؤیة القرآنیة یمکن تقسیم الظلم الی ثلاثة أنواع:

ظلم العبد لربّّّه:

فمن أکبر الظلم الکفر والشرک و النفاق ، قال تعالی: "إن الشرک لظلم عظیم "(2) ، و قال عزوجل: "فمن افتری علی الله الکذب من بعد ذلک فأولئک هم الظالمون"(3).

ان الله منشأ الوجود ، و العبادة لله وحده ، فمن عَبَدَ غیره ظلم.

ظلّّم الإنسان لأخیه الإنسان:

قال سبحانه: "انما السبیل علی الذین یظلمون الناس و یبغون فی الأرض بغیر الحق أولئک لهم عذاب ألیم "(4).

فالعدوان شکل من أشکال الظلم لأنّه هضم لحقوق الآخرین ، و اعتداء علی ناموس الطبیعة و الفطرة.

ظلم الإنسان لنفسه:

قال سبحانه و تعالی: «فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخیرات»(5). وقال عزوجل: «ومن ذریتهما محسن و ظالم لنفسه مبین»(6).

لقد أودع الله فی الحیاة الإنسانیة طریقا ً مستقیما ً یتناغم مع فطرة الإنسان کأصل فی قابلیته للتکامل ، فمن ینحرف عن هذا المسیر فهو یظلم نفسه.

 

قال تعالی: «ومن یتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه»(7).

وقال سبحانه "«ومن یتعد حدودالله فأولئک هم الظالمون»(8).

وبالرغم من التقسیم السابق ، فإن النوع الأول و الثانی من الظلم هو شکل من أشکال ظلم الإنسان لنفسه أیضاً ، فهو فی جمیع الأحوال یضربنفسه ، لاغیر.

وإذا أردنا أن نقسّم الناس علی أساس ارتکاب المعاصی ، فهم طوائف أربع:

طائفة مستغرقة فی المعاصی طوال الحیاة.

طائفة ارتکبت المعاصی أول العمر ثم أقلعت عن ذلک و تابت.

طائفة لم تذهب فی أوّل العمر ثم انحرفت فاستغرقت فی الذنوب فی آخر عمرها.

وطائفة طاهرة الثوب من أوّل العمر إلی آخره.

وعلی إساس إطلاق الآیة الکریمة التی تصدّرت البحث ، فإن الطوائف الثلاث الأولی تنصوی جمیعا ً فی إطار «الظالمین» الذین لا ینالهم عهدالله ، و إذن لا یبقی هناک سوی الطائفة الرابعة ؛ تلک التی لم ترتکب ذنبا ً فی حیاتها أبدا.

 

(1) البقرة الآیة (124)
(2)لقمان الآیة(13)
(3)آل عمران الآیة(94)
(4)الشوری الآیة(42)
(5)فاطر الآیة (32)
(6)الصافات الآیة (113)
(7)الطلاق الآیة(1)
(8)البقرة الآیة(29)
(9)الاحزاب الآیة (33)